قصص و عبر
السيرة النبوية الصحيحة وحادثة شق الصدر والرد علي المستشرق نيكلسون
السيرة النبوية الصحيحة وحادثة شق الصدر والرد علي المستشرق نيكلسون
شق الصدر
ظل محمدا في بادية بني سعد حتي بلغ اربع سنين ، يحيا حياة الاعراب في البادية ، ويتكلم لغتهم ويلبس ملبسهم ويشارك الاطفال في جدهم ولعبهم ، يغدو في الصباح مع إخوته حين يغدون بالغنم الي مراعيها ويروح معهم في المساء حين يعودون بها الي حظائرها
وكان قلب حليمة دائما ممتلئا بالخوف عليه ، كأنما كانت تحس ان شيئا سيحدث له كلما غاب عنها ، وكانت توصي به إخوته كلما خرج معهم الا يذهبوا به بعيدا .
وكان ما خافت حليمة أن يكون ، فبينما هي ذات يوم في دارها مشغولة ببعض شأنها ، إذ أقبل ولدها يشتد نحو الحي وهو يصيح : ذاك أخي القرشي قد قتل .... فخرجت حليمة تشتد ملهوفة ، وهي تصيح .....
يصف صل الله عليه وسلم هذا الحادث لأصحابه فيقول : " ..... بينا أنا ذات يوم منتبذ من اهلي في بطن واد ، ومع اتراب لي من الصبيان ، نتقاذف بيننا بالجلة ، إذ أتانا رهط ثلاثة معهم طست من ذهب ملئ ثلجا ، فأخذوني من بين أصحابي . فخرج أصحابي هربا .... مسرعين الي الحي ، يؤذونهم ويستصرخونهم علي القوم ....
" فعمد أحدهم فأضجعني علي الأرض إضجاعا لطيفا ، ثم شق ما بين مفرق صدري الي منتهي عانتي وأنا أنظر إليه لم اجد لذلك مسا ، ثم أخرج أحشاء بطني ، ثم غسلها بذلك الثلج فأنعم غسلها ، ثم أعادها مكانها ... " ثم قام الثاني منهم فقال لصاحبه : تنح . فنحاه عني ، ثم أدخل يده في جوفي فأخرج قلبي - وأنا أنظر إليه - فصدعه ، ثم أخرج منه
مضغة سوداء فرمي بها ، ثم اهوي بيده يمنة منه كأنه يتناول شيئا ، فإذا أنا بخاتم في يده من نور يحار الناظرون دونه ، فختم به قلبي فامتلأ نورا - وذلك نور النبوة والحكمة - ثم اعاده مكانه ، فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرا ... " ثم قال الثالث لصاحبه : تنح . فتنحي عني ، فأمر يده ما بين مفرق صدري الي منتهي عانتي ، فالتأم ذلك الشق بإذن الله . ثم أخذ بيدي فانهضني من مكاني إنهاضا لطيفا ، ثم قال للاول الذي شق بطني : زنه بعشر من أمته . فوزنوني بهم فرجحتهم . ثم قال : زنه بمائة من أمته ، فوزنوني بهم فرجحتهم . ثم قال : زنه بألف من أمته ، فوزنوني بهم فرجحتهم . فقال دعوه ، فلو وزنتموه بأمته كلها لرجحهم ....
" قال ثم ضموني الي صدورهم ، وقبلوا رأسي وما بين عيني ، ثم قالوا : يا حبيب لا ترع إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عيناك ! قال : فبينا نحن كذلك ، إذا انا بالحي قد جاءوا بحذافيرهم ، وإذا امي وهي ظئري - امام الحي ، تهتف بأعلي صوتها وتقول : يا ضعيفاه ...! فانكبوا علي فقبلوا رأسي وما بين عيني ، وقالوا : حبذا انت من ضعيف ....! ثم قالت ظئري : يا وحيداه .. ..! فانكبوا علي فضموني الي صدورهم ،
وقبلوا رأسي وما بين عيني ، ثم قالوا حبذا انت من وحيد ، وما انت بوحيد إن الله معك وملائكته والمؤمنون من أهل الأرض ...! ثم قالت ظئري : يا يتيماه ... ! استضعفت من بين أصحابك فقتلت لضعفك ...! فانكبوا علي فضموني الي صدورهم ، وقبلوا رأسي وما بين عيني ، وقالوا : حبذا انت من يتيم ...! ما اكرمك علي الله ...! لو تعلم ماذا يراد بك من الخير ... فوصلوا بي الي شفير الوادي ...
" فلما بصرت بي امي - وهي ظئري - قالت : يا بني ألا اراك حيا بعد ... فجاءت حتي انكبت علي وضمتني الي صدرها . فوالذي نفسي بيده ، إني لفي حجرها وقد ضمتني إليها ، وإن يدي في يد بعضهم ... ! فجعلت اتلفت إليهم وظننت أن القوم يبصرونهم ، فإذا هم لا يبصرونهم ....
" يقول بعض القوم : إن الغلام قد أصابه لمم ، أو طائف من الجن فانطلقوا به الي كاهننا حتي ينظر إليه ويداويه . فقلت : يا هذا ، ما بي شئ مما تذكر ، إن إرادتي سليمة وفؤادي صحيح ، ليس بي قلبة ... فقال ابي من الرضاع : ألا ترون كلامه كلام صحيح ؟ إني لأرجو ألا يكون بابني بأس ....
فاتفقوا علي أن يذهبوا بي الي الكاهن ، فاختملوني حتي ذهبوا بي إليه فلما قصوا عليه قصتي قال : اسكتوا حتي اسمع من الغلام ، فإنه اعلم بأمره منكم .
فسألني فاقتصصت عليه أمري ما بين أوله وآخره . فلما سمع قولي وثب الي وضمني الي صدره ، ثم نادي بأعلي صوته : يا للعرب ! يا للعرب ! اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه ، فواللات والعزي لئن تركتموه فأدرك ، ليذلن دينكم ، وليسفهن عقولكم وعقول آبائكم ، وليخالفن أمركم ، وليأتينكم بدين لم تسمعوا بمثله قط ! " فانتزعتني ظئري من حجره ، وقالت : لانت اعته واجن من ابني هذا " فاطلب لنفسك من يقتلك فإنا غير قاتليه .... ! ثم احتملوني فردوني الي اهلي . فأصبحت مفزعا مما فعل بي , وأصبح أثر الشق ما بين صدري الي منتهي عانتي كأنه الشراك .
شق الصدر التي حصلت للنبي صل الله عليه وسلم أثناء وجوده في مضارب بني سعد من إرهاصات النبوة ودلائل اختيار الله إياه لأمر جليل:
وقد روي الإمام مسلم في صحيحه شق صدره في صغره ، فعن أنس بن مالك : " أن رسول الله صل الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب ، فاستخرج منه علقة فقال : هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ، ثم لأمه ، ثم أعاده في مكانه ، وجاء الغلمان يسعون إلي أمه - يعني ظئره - فقالوا : إن محمدا قد قتل ، فاستقبلوه وهو منتقع اللون .
قال أنس : وقد كنت أري أثر المخيط في صدره "
مسلم كتاب الايمان ( ٤٥/١ ) رقم ٢٥٩
مسلم كتاب الايمان ( ٤٥/١ ) رقم ٢٥٩
زعم المستشرق نيكلسون أن حديث شق الصدر أسطورة نشأت عن تفسير الآية { الم نشرح لك صدرك }
وأنه لو كان لها أصل فعلينا أن نخمن أنها تشير الي نوع من الصرع . وهذا الذي زعمه نيكسون سبقه إليه المشركون حين اتهموا رسول الله صل الله عليه وسلم بالجنون فنفي الله عنه ذلك : { وما صاحبكم بمجنون }
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك هنا