قصص و عبر
السيرة النبوية الصحيحة ( وعودت النبي صل الله عليه وسلم الي امه آمة بعد حادثة شق الصدر )
السيرة النبوية الصحيحة ( وعودت النبي صل الله عليه وسلم الي امه آمة بعد حادثة شق الصدر )
عاد محمد إلي أمه آمنة
عاد إلي مكة الي الأرض التي نبتت فيها أصوله وتعمقت فيها جذوره ، فكان حريا أن تقر بذلك عينه ، وتتفتح له نفسه ، ولكنه ظل فترة من الزمن يشعر بالنفور من ذلك الجو الجديد ، ويعيش فيه عيشة المستوحش الغريب .
نعم كان كل شئ جديدا عليه في ذلك الجو ، إذا لم يكن قد الف غير مناظر البادية في امتداد أطرافها وسعة آفاقها .....
ظل فترة طويلة وهو يعيش بخياله في جو البادية ، يحن الي حياتها السهلة ، ويستشعر الحنان والحب في عطف ظئره حليمة ، ورعاية أخته الشيماء ......
ولكن ما اسرع ما استبدل أهلا بأهل واحبابا بأحباب . وبسطت عليه حياة مكة سلطانها ، فصار مكيا كأهل مكة ، وتبينت له فيها معالم لم يكن يراها . هذه هي الكعبة بيت الله الحرام ، الذي يحج إليه الناس من مشارق الأرض ومغاربها ... وهذه هي دار الندوة ، مجتمع قريش ومنتداها ، ... وهذه رحلة الشتاء الي الجنوب ، وهذه رحلة الصيف الي الشمال ، تذهب فيها العير محملة بحاصلات الحجاز ، وتعود محملة بحاصلات الشام والعراق ، واليمن وبلاد الحبش ، فتحتفل بها قريش أيما احتفال ..وهذه .. وهذه....من مظاهر الحياة في مكة ، مازال يعرفها ويألفها حتي امتزجت بها نفسه .
لكن شيئا واحدا لم تألفه نفسه ، ولم يستطيع أن يمتزج به أو يأنس إليه هو ..... ؟
ولكن الشئ الذي لم تألقه نفسه ، ولم يستطع أن يمتزج به أو يأنس إليه هو... هذه الأحجار التي يعظمونها أهل مكة ، والتي يسمونها آلهة ويعبدونها ويقدسونها ، ويقربون لها القرابين ، وينحرون لها الذبائح ، ويلجأون إليها فيما جل وهان من شئونهم ... لقد نفرت نفسه منها نفورا شديدا فلم يشارك القوم في عبادتها ، ولم يتقدم لها يوما من الايام راغبا ولا راهبا .
اخذ عقله الصغير ، يسأل : كيف استساغوا لأنفسهم أن يستسلموا لهذه الحجارة وهم يصنعونها بأيديهم ؟ أهي التي تطعمهم إذا جاعوا ، وتسقيهم إذا عطشوا وتشفيهم إذا مرضوا ؟... أهي التي ترزقهم ما ينعمون به من طيبات الرزق ، وتكفيهم ما يحل بهم من مصائب الدهر إن هي إلا حجارة صماء لا تسمع ولا تبصر ، ولا تنطق ولا تعي ، ولا تملك من أمرها نفعا ولا ضرا .
فهجر الأصنام وكرهها ، ولم تكن سنه بحيث يلتفت إليه أنظار القوم ، فظنوه طفلا لم يبلغ بعد سن الإدراك والفهم......
وحين بلغ السادسة من عمره ، ذهبت به أمه الي يثرب ، ليزور أخواله بني عدي بن النجار ، وصحبته في هذه الرحلة حاضنته أم أيمن ، وهي ( بركة ) الحبشية ، جارية أبيه التي خلفها له مع ما خلف من ميراث قليل .
فلما نزل علي أخواله أحسنوا وفادته واكرموا مثواه ، فأقام عندهم شهرا ، جاب فيه رحاب المدينة ، ورأي كثيرا من معالمها ، وخالط كثيرا من أطفالها ، وانس إليهم وانسوا إليه . وانطبعت في ذهنه صورة حية للمدينة ، وظلت هذه الصورة الجميلة مطبوعة في نفسه ، حتي عاد إليها وهو رسول الله ، فكان يذكر لأصحابه كثيرا من معالمها وكثيرا من أحداث الطفولة وذكرياتها .
ثم رجعت به أمه الي مكة ، فلما قطعت به من الطريق نحو مرحلة ......؟
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك هنا