اسماء الله الحسني
اسماء الله الحسني ( العليم جلا جلاله )
اسماء الله الحسني ( العليم جل جلاله )
عندما يقرأ ويتأمل اية من ايات الله -تبارك وتعالي فيها اسم العليم يسرح بخواطره الي هذا الكون العجيب ، وما فيه من الايات الدالة علي وحدانيته ، وعظيم قدرته ، وبديع صنعه ، ويسال نفسه هل كان هذا الخلق والإبداع إلا عن علم محيط بحقائق الاشياء ودقائقها ومكنوناتها وأسرارها وآثارها ، وصلة بعضها ببعض
، وتأثير بعضها في بعض ، ومدي ما بينها من تقارب وتباعد ، فيدفعه هذا الخاطر الي تتبع آيات القرآن ليعرف من إشاراتها الجلية والخفية شيئا مما وسعه علم .
فالقرآن الكريم هو الكون المسطور المنبئ عن الكون المستور ، ثم يسأل نفسه سؤالا يفرضه عليه عقله ، ويمليه عليه ضميره هل يخفي علي الله خافية وهو الذي خلق وبرأ وصور ، واعطي كل شئ خلقه من غير قصور ولا تفاوت ولا خلل فيجيبه القرآن إجابة يتقبلها العقل من غير إشكال ، ويرتضيها بأدني تأمل
{ ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير }
ففي هذه الآية خطاب للعقل والقلب معا بأداة التنبيه ( ألا ) ليكون المخاطب متهيئا لإعمال فكره فيما بعد هذه الاداة من حجة ظاهرة ، وبرهان ساطع علي حقيقة لا خفاء فيها - خلاصتها : أن الذي خلق الخلق هو اعلم به وهو القوام عليه ، والمدبر له بعلمه المحيط ، وإرادته النافذة وقدرته المنفذة .
وختام الآية توكيد لمضمونها ؛ فهو اللطيف الذي لطف ، أي : خفي وغاب عن الأبصار والبصائر ، الخبير الذي يعلم ما يتطلبه خلقه من الحفظ والرعاية والقوامة والتدبير .
وفي أية الكرسي يبين الله لنا ان علمه قد احاط بما كان وما يكون وما هو كائن ، فأية الكرسي قد جمعت في قرأتها العشر اصول التوحيد كلها ، من قراها بتدبر وكان ضليعا في اللغة العربية وقف علي هذه الاصول وعرف ما للوحدانية من خصائص وسمات .
فالله جل جلاله هو الواحد ( لا إله إلا هو ) أي : لا معبود بحق إلا هو ، الحي الذي لا اول لوجوده ولا منتهي ، فهو الاول والآخر والظاهر والباطن
( القيوم ) : الذي يدبر امر عباده ، ويكلؤهم بعنايته ، ويسوسهم بحكمته ويصرف امورهم وفق علمه وإرادته .
( لا تأخذه سنة ولا نوم ) أي : لا تقهره غفلة ولا يغلبه نوم ، فهو جل شانه القاهر فوق عباده ، لا يعزب عن عمله مثقال ذرة في الارض ولا في السماء يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ، والخلق لا يحيطون بشئ من علمه إلا بمشيئته .
( وسع كرسيه السموات والارض ) فالملك ملكه ، والامر امره ، والسماوات والارض جزء صغير في ملك كبير يتسع ويتسع بلا نهاية ، كما قال تعالي في سورة الذاريات : { والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون } والسماوات والارض بقبضته .
( ولا يؤده حفظهما ) اي : لا يعجزه إمساكها علي النحو الذي أراد ودبر ، وهو العلي بذاته وصفاته عن سائر مخلوقاته ، العظيم في جلاله ، وجماله وكماله ، وكلما سبح العقل في هذا الكون الواسع الفسيح لاحت له أسرار عجيبة لم يكن يتطرق إليها خيال ، وانكشفت له استار من الغيب لم يكن ليعلمها بعقله ؛ فالله وحده هو الذي يفيض بالعلم علم من شاء من عباده ؛ منحة من لدنه ورحمة .
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك هنا