الفتوى
ما حكم الشرع في تحديد النسل لفترة مؤقتة دون حاجة ماسة لذلك إلا ان المرأة تريد فقط أن ترتاح من عناء الحمل السنوي ، ويسأل عن مقولة اعداء الاسلام عن الانفجار السكاني ؟
ما حكم الشرع في تحديد النسل لفترة مؤقتة دون حاجة ماسة لذلك، إلا أن المرأة تريد فقط أن ترتاح من عناء الحمل السنوي، ويسأل عن مقولة أعداء الإسلام عن الانفجار السكاني؟
هذا سؤال مهم؛ وذلك أن أعداء المسلمين لبسوا على المسلمين فيما يتعلق بكثرة النسل وأوهموهم أن كثرة النسل يحصل بها ضائقة اقتصادية وأزمات على الحكومة وعلى الأفراد، ومن المعلوم أن هذا -أعني الضائقة الاقتصادية والأزمات- تسبب الفوضى والتفاوت بين الناس بعضهم البعض، فهم يصورون كثرة النسل بصورة مخيفة مروعة ويتوهم ضعاف النفوس والإيمان أن هذا تنظيم حقيقي، ولو كان عند الإنسان قوة إيمان وتوكل لعلم أن الله سبحانه وتعالى لن يخلق مخلوقاً إلا وقد تكفل برزقه؛ كما قال الله تعالى: ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها﴾، وقال تعالى: ﴿ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيراً﴾،
وقال تعالى: ﴿ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم﴾. وإذا علم المؤمن أن كثرة النسل سبب لكثرة الرزق؛ لأن الأمة إذا كثرت كان ذلك رزقاً لها، وكان سبباً لاكتفائها بذاتها عن غيرها؛ ولهذا امتن الله عز وجل على بني إسرائيل بتنفيرهم قال تعالى: ﴿وجعلناكم أكثر نفيراً﴾، وذكر شعيب قومه بذلك فقال: ﴿واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم﴾ وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تزوجوا الودود الولود -والولود كثيرة الولادة-، وكلما كثرت الأمة الإسلامية، كان ذلك عزاً لها، وكان ذلك سبباً لهيبتها بين الأمم، وكان ذلك سبباً لاكتفائها بذاتها عن غيرها كما هو ظاهر ومعلوم، وبناء على ذلك ينبغي علي الإنسان أن يحرص على كثرة الأولاد، أخاطب بذلك الرجل والمرأة، ولا ينبغي لهما أن يحاولا قلة الولد، وأما ما ذكره السائل من تنظيم النسل في الحقيقة: إن هذا وارد أن ينظم الإنسان نسله، وتكون ولادة المرأة بين سنة وأخرى؛ أي سنة للولادة وسنة لعدم الولادة؛ ولكن الحقيقة أن هذا الأمر ليس إلى الإنسان وقد ينظم الإنسان هذا التنظيم؛ ولكن لا يحصل المراد به، ربما يتأخر الحمل في السنة التي يريد أن يكون فيها حمل، وربما يموت الأولاد الذين كانوا عنده؛ فإذا مات الأولاد، ولم يشأ الله عز وجل أن تنجب المرأة بعد ذلك بقيت لا أولاد لها، نعم لو فرض أن المرأة قادرة على ذلك أنها لا تستطيع أن تحمل كل سنة إلا بمشقة غير معتادة، فهذا وجه يبرر لها أن تنظم حملها، ومع ذلك لا يكون هذا إلا بإذن الزوج، فلو منع الزوج ذلك الحق له، كما أن الزوج لو طلب منها أن تستعمل ما يمنع الحمل فليس عليها قبول ذلك، فكل واحد من الزوجين له حق بولد؛ ولهذا قال أهل العلم: يحرم أن يعزل الرجل عن زوجته الحرة إلا بإذنها. يعني لها حقاً في الولد، وكذلك القول الراجح إذا تبين الزوج عقيماً فللزوجة حق الفصل؛ لأن لها حقاً في ولد، وأما ما ذكره السائل من قول أعداء الإسلام، الانفجار السكاني أو التضخم السكاني أو ما أشبه ذلك، فإن هذا كما أشرت إليه في أول الجواب من تأويل الأمر من أعداء الإسلام على المسلم، والواجب على المسلم أن لا يغتر بهؤلاء وتهويلاتهم، وأن يعلم أنه حلال،
كما وصفهم الله بذلك بقوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدكم أولياء﴾ والكافر عدو للمسلم مهما كان في أي زمان وفي أي مكان؛ ولهذا يجب على المؤمن أن لا ينتقي منه بشيء، وأن يعلم أنه أي الكافر لو فعل شيئاً فيه مصلحة للمسلمين فإنه سوف يكسب من وراء ذلك لنفسه ما هو أكثر وأكثر من المصالح
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك هنا